الأشقر لـ(صدى الشعب): الضغط غير المبرر ينهك طلبة التوجيهي نفسيًا
الأشقر لـ(صدى الشعب): الضغط غير المبرر ينهك طلبة التوجيهي نفسيًا
الأشقر لـ(صدى الشعب): الضغط غير المبرر ينهك طلبة التوجيهي نفسيًا
صدى الشعب -
بين قلق الطالب وتوتر الأهل "التوجيهي" يفرض ظله الثقيل من جديد
الدعم النفسي أهم من المذاكرة أحيانًا
صدى الشعب – سليمان ابو خرمة
مع اقتراب موعد امتحانات الثانوية العامة (التوجيهي)، تعود المشاعر المتوترة لتسيطر على الأسر الأردنية، حيث يعيش الطلبة تحت ضغط نفسي متصاعد، ويجد الأهالي أنفسهم عالقين بين دعم أبنائهم والخوف من انعكاسات المرحلة على صحتهم النفسية.
وفي ظل ما يصفه البعض بـ"أصعب اختبار في الحياة المدرسية"، تتحول البيوت إلى مساحات من الترقب والقلق، وسط محاولات لزرع الثقة في نفوس الأبناء، رغم صعوبة الامتحانات والرهان العالي على النجاح.
وفي هذا الاطار، أكدت الخبيرة التربوية سوسن الأشقر أن القلق بات من أبرز سمات الحياة المعاصرة في مجتمعنا، لافتة إلى أن هذا الامر احتل صدارة الاهتمام في الأوساط النفسية والتربوية، خاصة مع تزايد التحديات التي يواجهها الطلبة في المراحل الدراسية المختلفة، وعلى وجه الخصوص في مرحلة (التوجيهي) الثانوية العامة.
وأوضحت الأشقر خلال حديثها لـ"صدى الشعب" أن القلق العام لطالما كان محورًا للعديد من الدراسات النفسية، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تناميًا واضحًا في الاهتمام بقلق الامتحان، وهو نوع خاص من القلق يرافق الطلبة خلال فترات الاختبارات التحصيلية، إذ يظهر قبل وأثناء وبعد أداء الامتحان، ويُعد استجابة طبيعية للمواقف المرتبطة بالامتحانات التي تثير مشاعر الخوف والتوتر لدى الطلبة.
وأضافت أن الطالب المتقدم لامتحان شهادة الثانوية العامة يُعد جزءًا من المجتمع، وهو في مرحلة حرجة من حياته التعليمية والنفسية، ما يستدعي رعاية خاصة، مشيرة إلى أن هذه المرحلة تضع الطالب تحت ضغوط متزايدة وتوقعات عالية، لاسيما من قبل الأهل، الأمر الذي يسهم في رفع مستويات القلق لديه.
وبيّنت أن الامتحانات على الرغم من كونها وسيلة ضرورية للتقييم، إلا أن الطلبة قد يربطون بها تصورات وأفكارًا سلبية، تجعل من الامتحان تجربة مخيفة تؤثر سلبًا على الأداء، وتُفقد الطالب القدرة على التركيز واستدعاء المعلومات.
وقالت إن قلق الامتحان قد يصل بالطالب إلى حالة من الارتباك الشديد والانفعال، مما يجعله يواجه صعوبة في فهم أسئلة الامتحان واستيعابها، رغم استذكاره السابق للمواد، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على تحصيله الدراسي، مشيرة أنه لهذا، فإن المتخصصين في علم النفس التربوي يولون اهتمامًا متزايدًا بدراسة هذه الظاهرة، بالنظر إلى تأثيرها الكبير في مستقبل الطلبة الأكاديمي.
أسباب متعددة تؤثر على قلق الامتحان
وأشارت إلى وجود ثلاثة أسباب رئيسية تؤثر بشكل مباشر في درجة قلق الامتحان لدى الطلبة، مؤكدة أن هذه العوامل تختلف من طالب لآخر بحسب الظروف المحيطة به.
وأوضحت أن أول هذه الأسباب يعود إلى السمات الشخصية والظروف الاجتماعية والمادية للطالب، والتي قد تزيد من قابليته للقلق، حيث تساهم هذه العوامل مجتمعة في تشكيل البيئة النفسية التي تؤثر على استعداد الطالب الذهني والنفسي خلال فترة الامتحانات.
وأشارت إلى أن السبب الثاني يرتبط بـ جنس الطالب، موضحة أن الدراسات السابقة أظهرت صعوبة إصدار تعميمات قاطعة حول الفروق بين الجنسين في مستويات القلق، إلا أنه من المتفق عليه أن الإناث أكثر استعدادًا للاعتراف بمشاعر القلق مقارنة بالذكور، مما قد ينعكس على نتائج الاستبيانات والدراسات المتعلقة بهذا الجانب.
وأضافت أن السبب الثالث يتمثل في التخصص الدراسي، مبينة أن أبحاثًا عديدة كشفت عن وجود فروق في درجات القلق بين طلبة الفرع العلمي والأدبي، حيث سجل طلبة الفرع العلمي نسبًا أعلى من القلق، نظرًا لما يرونه من صعوبة أكبر في تخصصهم، مقارنة بزملائهم في الفرع الأدبي، الأمر الذي يرفع من مستويات الضغط والتوتر لديهم.
أعراض القلق جسدية ونفسية
وسلّطت االضوء على الأعراض التي ترافق قلق الامتحان، مشيرة إلى أنها تنقسم إلى ثلاث فئات رئيسية، تشمل الأعراض الجسمية، النفسية، والمعرفية العقلية، والتي تؤثر مجتمعة في أداء الطلبة واستجابتهم خلال فترة الاختبارات.
وأوضحت أن الأعراض الجسمية تتضمن مجموعة من المؤشرات الفيزيولوجية، من أبرزها سرعة النبض، جفاف الحلق، سرعة التنفس، ألم البطن، ارتعاش اليدين، وشحوب الوجه، وهي أعراض شائعة تظهر على الطلبة عند اقتراب موعد الامتحانات.
وأضافت أن الفئة الثانية من الأعراض هي الأعراض النفسية، والتي تتمثل في الشعور بعدم الراحة، الاستثارة السريعة، الأرق، فقدان الشهية، نقص الثقة بالنفس، والتوتر المستمر، مما يؤدي إلى حالة من الضغط النفسي المتواصل لدى الطالب.
أما الفئة الثالثة، بحسب الاشقر، فهي الأعراض المعرفية العقلية، وتشمل تشتت الانتباه، ضعف القدرة على التركيز، وصعوبة استدعاء المعلومات أثناء الامتحان.
وأشارت إلى أن بعض الطلبة قد يشعرون في تلك اللحظات بأن "عقلهم أصبح صفحة بيضاء" فور رؤيتهم لورقة الأسئلة، وهي من أكثر الأعراض التي تعيق الأداء الفعّال خلال الامتحانات.
مهارات أساسية للنجاح وتجاوز القلق
وأكدت على أهمية اتباع الطلبة مجموعة من المهارات والاستراتيجيات العملية التي تسهم في الحد من آثار القلق المصاحب لفترة الامتحانات، وتساعدهم في التعامل معها بفعالية.
وأشارت إلى أن أولى هذه المهارات هي التخطيط للمذاكرة، والذي يتم من خلال إعداد جداول زمنية تساعد على تنظيم الوقت وتوزيع الجهد بشكل عادل بين المواد الدراسية المختلفة، بما يضمن التوازن الأكاديمي والاستفادة القصوى من الوقت المتاح.
وشددت على ضرورة اكتساب الطلبة مهارة تنظيم المذاكرة، والتي تتضمن تنظيم كل من الوقت والمكان، موضحة أن الدراسات أثبتت أن التنظيم يعد من العوامل الجوهرية في تحسين التحصيل الدراسي.
وأضافت أن مهارة المراجعة تشكل أحد الركائز الأساسية للاستعداد الجيد، مشيرة إلى أهمية اعتماد المراجعة المنظمة والدورية لما تم دراسته، من خلال استخدام جدول يشمل كل المواد، مع أفضلية أن تكون المراجعة يومية وأسبوعية، لما لذلك من دور كبير في تثبيت المعلومات وزيادة ثقة الطالب بنفسه.
وفيما يتعلق بمرحلة ما قبل الامتحان، أكدت على أهمية مهارة الاستعداد للامتحان، والتي تشمل التدريب على أداء الامتحانات عبر حل نماذج سابقة، مع ضرورة التأكد من الاستعدادات الكاملة لليوم السابق، مثل تجهيز الأدوات، الحصول على نوم كافٍ، وتناول وجبة الإفطار صباحًا.
كما تناولت مهارة أداء الامتحان، موضحة أنها تتطلب من الطالب التزام الهدوء، والانتباه لتعليمات المعلمين، والحرص على الكتابة بخط واضح وتنظيم ورقة الإجابة.
كما أوصت بقراءة آيات قرآنية وأدعية مأثورة لما لها من دور في تهدئة النفس وتعزيز الطمأنينة، مؤكدة على أهمية مهارة الإجابة، والتي تشمل قراءة ورقة الأسئلة بعناية، وفهم المطلوب من كل سؤال، وتوزيع الوقت بشكل مناسب، والبدء بالأسئلة الأسهل لتعزيز الثقة بالنفس والانطلاق في حل بقية الأسئلة بثبات وهدوء.
وأكدت على أن مواجهة قلق الامتحان ليست مسؤولية الطالب وحده، بل تتطلب تكافلًا بين الأسرة والمدرسة والاختصاصيين النفسيين، داعية إلى ضرورة نشر ثقافة التعامل الإيجابي مع القلق وتحويله من عائق إلى دافع نحو النجاح.