اخر الاخبار
2023-04-04 10:45:16 ٢٧٥٣

محاكمة ترامب بين العدالة والسياسة

محاكمة ترامب بين العدالة والسياسة

محاكمة ترامب بين العدالة والسياسة

صدى الشعب -

كتب. رمزي الغزوي

الذين يتذكّرون بشكل جلي التوقيع الضخم، المنشاري الشكل والمعنى، للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الآن، وهو على وشك المثول أمام المحكمة دون قيود في يديه يدركون أن العالم لم ينته بعد من هذه الشخصية المخلبية القافزة ذات الصعود والهبوط الغريبين. الشخصية التي لا تلين أو تستكين وتهوى العيش في اللامتوقع المألوف

لم يحتج الأمر إلى ضلعاء في تحليل الخطوط لمعرفة المخبوء في نفسية صاحب الخربشات المجنونة تلك، والمتقنة على شكل توقيع رئاسي لافت، بل يكفي أن نذكر أن الكثيرين وحال رؤيتهم التوقيع تأكدوا من أن الرجل يرى نفسه أكبر من كل مرسوم يوقعه بعد أن يفرش منشاره على صفحة كاملة أو نصفها. ناهيك عن أن تلك الخطوط المشرئبة بانفعال جعلتنا نحدس أننا إزاء بركان زلزالي لا يهادن حتى وهو في أضعف حالته

نتذكر التوقيع وصاحبه ونحن على مشارف مثوله لمواجهة لائحة اتهام من هيئة محلفين كبرى جعلته أول رئيس أو رئيس سابق في التاريخ الأمريكي يتهم بارتكاب جريمة. وهذا أمر داخلي بحت، ولكن الولايات بماكينتها الإعلامية والسياسية والدعائية جعلت الأمر حدثا كونيا تجدر متابعته. وهنا سنسأل إن كانت العدالة حقا قد سيّست وغدت سلاحا في صراع الحزبين الكبيرين المتنافسين الجمهورين والديمقراطي، أم أن ذلك النظام القضائي ما زال مستقلا ويمثل الدعامة الرئيسة لقوة البلد ومنعتها؟ هل حقا لا أحد فوق القانون؟ أم أن القضية توازي فيلما هوليوديا لا أكثر أو أقل؟

البعض يرى أن الرجل انتهى بالفعل، ويستحق أن ينتهي لما ارتكبه من فظائع حان دفع ثمنها، ويرى وأن المحاكمة ستقضي على حياته السياسية وستقصيه أو تعيده إلى القبول بتمثيل أدوار هامشية في مسلسلات تلفزيونية من الدرجة الثانية كسابق عهده

قد يكون أن ترامب الذي اعتاد أن يستفيد من كل شيء حوله سيستخدم المحاكمة لدعم ترشحه وجني أموال لتمويل حملته، وسيستخدم صورته في المحكمة أيقونة لها. فالرجل لن يستسلم، سيترشح حتى من خلف القضبان إن لزم الأمر، ولربما يغدو رئيسا من هناك أيضا، فلا ضير من ترشحه من السجن فالحالة ليست سابقة أمريكية بل سبق أن حصل مرشح الحزب الاشتراكي يوجين ديبس في عام 1920 على ما يقارب المليون صوت من أصوات الناخبين وهو في السجن الفيدرالي بعد إدانته بمعارضة التجنيد العسكري أثناء الحرب العالمية الأولى

يومها كتب الرجل في بيانه الانتخابي، بعد منعه من إلقاء خطاب أمام مريديه، أنه يشكر السادة الرأسماليين؛ لأنهم وضعوه خلف القضبان، مؤكدا أنهم يعرفون إلى أين ينتمي في ظل نظامهم الإجرامي والفاسد

الحالة قد تتكرر بكامل شعور المظلومية هذا لترامب الذي ما فتئ يرى نفسه ضحية السياسة لا العدالة، ويؤمن أن محاكمته مؤامرة مفبركة للنيل منه. ويبقى أن ننتظر لنعرف إلى أي مدى وصلت سكين السياسة في لحم العدالة الأمريكية